تطوان العتيقة
المجتمع
الاسفنج الســــــــــــــاخن ل " عمي محمــــــد"
بقلم : خالد الباشا
المكان :درب الصفار
الساعة :ذات زمن جميل مضى ...و لن يعود ....
على غير عادتي استفقت من النوم باكرا على أنغام صوت الراديو المنبعث من بيت الجيران و هو ببث أغنية (الله على راحة ..) .. ، إنه يوم الأحد ،يوم ليس كسائر الأيام ،إنه اليوم الذي أتحمل فيه مسؤولية "رجل الدار "على الرغم من صغر سني ...
اعتمرت قبعة و أنا أدندن مع أنغام راديو الجيران . و انتعلت حذاء شتويا لعلي أدفع القر القارس الذي لاينفع معه "اللعب "كما كانت توصيني أمي كل صباح .حملت بضع دراهم كان يضعها أبي "رحمه الله " على المائدة الوحيدة ثم خرجت في شموخ متوجها صوب بائع "الإسفنج " في المصداع و كان اسمه "محمد "
.كنت من بين الأوائل الذين وصلوا ألى الدكان ..رجال و نساء بسحنات مختلفة لا قاسم بينهم سوى أنهم يبتغون إسفنجا ساخنا من عمي " محمد
.وقفت بثقة لا متناهية في الصف أنتظر دوري و ماهي إلا دقائق حتى ناولني عمي محمد غرضي بالرغم من وجود أشخاص قبلي .ربما رفقا لسني الصغير الغير القادر على الوقوف ،أو ربما تشجيعا له على قدومي في هذا الصباح البارد، أو ربما كنت أذكره بأحد أبناءه..
.تناولت الإسفنج شاكرا إياه على تعامله الطيب معي و أسرعت الخطى نحو منزلنا ، هناك وجدت أمي نائمة لا تتحرك .أردت إيقاظها ،لكن محاولتي باءت بالفشل ،أعدت الكرة للمرة الثانية و الثالثةو ...، أصبت بالذهول .، ناديت ،فكرت في أن أصرخ .لكن تراجعت .. خفت أن يخرج صوتي عواء لا كلاما . استنجدت بصوتي ،بكل حبال صوتي لعلها تسمعني .انخرطت في بكاء هيستيري.... حتى.... استفاقت من نومها أو على الأصح من تظاهرها بالنوم كما وضحت لي بعد ذلك بنبرة ما زلت أذكرها لحد الآن : لقد كنت أمزح معك .أردت أن أختبرك هل صرت "رجل الدار "أم أنك ما زلت طفلا صغير ا ..
و الآن كبارا صرنا ، أتذكر الطفل الذي كنته ، أتذكر "الدرب "الذي قضيت فيه طفولتي الشقية ،أتذكر وقفتي في الصف أنتظر الإسفنج الساخن ،أتذكر عمي "محمد "..
لكن أين هو عمي "محمد "؟؟؟؟؟...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق