تطوان العتيقة
أدب وفـــن
ذ . كوثر ابن عبد الوهاب
" جرح لم يندمل"
ثلاثية غرناطة حركت بركانا حسبته قد خمد.
فإذا بالفؤاد جرح غائر ... بقصتك رضوى قد جَفل.
آه غرناطةّ! يبكيك قلبي دما .. و الدمع تحجر بالمُقل.
قطعة من الفردوس بها النور تعتم...تحكي عن ضيم بأرضها و أهلها قد حلّ.
سلم الصغير المفتاح و بمعاهدة كاذبة قد رحل.
و خلف مجد أمة قد بناه الاجداد بدمائهم.. من ورائه للكفر، و لم يزل.
فهبَّ العدو و ما استكان الا و لخيراتها قد استحلّ.
نصَّر، و نكَّل، و حرَّق ، و هجَّر، و استذل...
و نصرة من المغرب و المشرق غرناطة لم تنل.
ليصبح المسلم بأرضه موريسكيا ...يخاطب خطابا مبتَـذل.
للإسلام تنكروا عنوة.. و دين محمد عن الأحفاد انبتل.
بين البقاع تشتتت أصولهم.. و تجرعوا الخذلان من الغُرْب و الأَهل.
مازال غرناطة بالفؤاد عشقك، و عشق أندلس فيك قد اختزل.
أدب وفـــن
"ثلاثية غرناطة" و الجرح الذي لم يندمل ..
ذ . كوثر ابن عبد الوهاب
رضوى عاشور كانت محور حديثي أنا و أحد الاصدقاء المهتمين بالقراءات الادبية العربية و العالمية، و الذي عادة ما أستشيره في اختياراتي القرائية. طال حديثه عنها، أعطاني نبذه عن حياتها و أسرتها الصغيرة - و أنا المعجبة بابنها تميم الذي يصدح بشعره معبرا عن آفاتنا العربية، وتبقى بردته اروع قصائده في مدح الحبيب المصطفى الذي سار فيها على غرار البوصيري و أحمد شوقي - صال صديقي و جال بين عناوين رواياتها، و بمفردات المدح و الإعجاب بكتاباتها ..
قررت أن أخوض غمار أحداث احدى رواياتها ..اطلعت على مجموعتها الأدبية، و أول ما شدَّني عنوان "ثلاثية غرناطة". انتهيت منها في ثلاثة أيام، كل مرة كنت أضعها جانبا و لا أنوي الرجوع إليها لما تحدثه في أوصالي من قشعريرة، و هي تتلاعب بجرحي الغائر.. بل جرح أمة بأسرها، و لكن بعد سويعات قليلة تجرني إليها عنوة، لأكتشف أني حتى بعد الإبتعاد عنها، كنت جالسة أنقب بمحرك البحث "غوغل" عن كل الأسماء و الأماكن التي مررت عليها بالرواية، فيزيد الجرح نزيفاااا...و أنا أطلع على تاريخ و حضارة أمة، بعد ثمانية قرون من حكم تَـليد، أفل نجمها عندما اختار حكامها الركون إلى الدنيا، فتناحروا على الملك، و وسَّدوا الأمور لغير اهلها، .و ضاعت بين جلسات مجون و شرب خمر، و رقص جواري و غناء قَـيـنات ، فاصبح الأمر هيِّنا على المتربصين ..
مذ ابحرت بمركب " ثلاثية غرناطة" لا تفارقني أحياءها و نهريها "شانيل" و "حدره" و بيوت البيازين و باحاتها مخيلتي، اتطلع الى صورها بالعالم الافتراضي و اتمتع بمنظر سريالي يعيدني الى الزمن الجميل، و بمجرد أن أغمض جفني ساعات الليل تتجسد أمامي محاكم التفتيش، و ما عاناه أهل عروس الاندلس على ايديهم.. و غثيان ينتابني بينما تتناهى إلى مسامعي طرطقة النار بالحطب، و هي تلتهم الكتب تارة و الأجساد تارة أخرى .
تتجاوز رضوى السرد التاريخي، لتغوص بك في عمق الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية بفترة كان فيها الوجود الاسلامي بالاندلس يلفظ انفاسه الاخيرة، و ذلك بسرد أدبي ممتع.
أخذتني لجج الخيال إلى الضفة الأخرى التي طالما احسست بانتمائي التاريخي، الروحي ، الثقافي و الفكري و اللغوي و الفني لها.
شعرتُ مع آخر كلمة بوهن شديد تسرب إلى روحي، و زخم من الأفكار تتلاعب بذهني ..أخذت القلم لأتخلص من تضارب الأحاسيس و الأفكار في جلسة تفريغ ذهني، و أنا استمع لوصلات موسيقية من الموشح الاندلسي "جادك الغيث" لصاحبها لسان الدين ابن الخطيب الذي يحكي فيها عن أيامه السعيدة في غرناطة و تحسره وهو يقول:
جادك الغيث اذا الغيث همى * يا زمان الوصل بالأندلس
فتمخض عن هذه اللحظة التي توحدت فيها مع التاريخ، قصيدة جرح لم يندمل.
ثلاثية غرناطة حركت بركانا حسبته قد خمد.
فإذا بالفؤاد جرح غائر ... بقصتك رضوى قد جَفل.
آه غرناطةّ! يبكيك قلبي دما .. و الدمع تحجر بالمُقل.
قطعة من الفردوس بها النور تعتم...تحكي عن ضيم بأرضها و أهلها قد حلّ.
سلم الصغير المفتاح و بمعاهدة كاذبة قد رحل.
و خلف مجد أمة قد بناه الاجداد بدمائهم.. من ورائه للكفر، و لم يزل.
فهبَّ العدو و ما استكان الا و لخيراتها قد استحلّ.
نصَّر، و نكَّل، و حرَّق ، و هجَّر، و استذل...
و نصرة من المغرب و المشرق غرناطة لم تنل.
ليصبح المسلم بأرضه موريسكيا ...يخاطب خطابا مبتَـذل.
للإسلام تنكروا عنوة.. و دين محمد عن الأحفاد انبتل.
بين البقاع تشتتت أصولهم.. و تجرعوا الخذلان من الغُرْب و الأَهل.
مازال غرناطة بالفؤاد عشقك، و عشق أندلس فيك قد اختزل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق